قصص نجاح
فرح تُبعث من جديد
"فرح كانت شديدة التعلق بوالدها، وبعد انفصال الوالدين انقطعت العلاقات الأسرية، الأمر الذي ترك أثراً سلبياً على نفسها، وأصبحت لا تتقبل الاندماج مع الآخرين، وتعتبر أن والدها لم يعد يحبها كما كان من قبل".
هكذا وصفت والدة فرح سلوك ابنتها فرح دهليز ذات الأعوام الخمسة، التي تعيش ظروفاً اجتماعية خاصة، فوالداها منفصلان، فيما تعيش هي مع أمها.
صادف حضور فرح الأول إلى المركز تنفيذ نشاط رواية القصة. وعندما بدأ النشاط بإحماء، لم تقبل فرح المشاركة وكانت تجلس بجوار والدتها بعيداً عن ركن رواية القصة.
بعد الاطلاع على ظروف الطفلة، تم الاتفاق مع الأم أن تشرك الطفلة في الأنشطة المطروحة في المركز، حتى تندمج مع بقية الأطفال.
وبالفعل، أصبحت تتردد الطفلة ووالدتها على المركز، وحظيتا باهتمام خاص، وتشجيع على المشاركة في الأنشطة، حتى بدأت فرح تدريجياً بالاندماج مع أطفال من عمرها؛ سواء في رواية القصة أو الأنشطة الأخرى. كما تم التواصل مع الأم وتقديم الكتب المتعلقة بالعلاقات الوالدية بعد الانفصال، وكيفية تأقلم الأطفال في تلك الظروف.
أصبحت فرح تجلس بجوار الأطفال بعيداً عن والدتها، وبدأت تشارك في الأنشطة بشغف، الأمر الذي أسعد والدتها كثيراً.
مشروع "مدارسنا ... مجتمعاتنا"
"كنت قبل حضوري إلى نادي الأهالي في المدرسة أعاني من عصبية كبيرة جعلت العلاقة تتوتر بيني وبين أطفالي، وفي كثير من الأحيان كنت ألجأ إلى استخدام الضرب في محاولة لتعديل سلوكهم. وهذا الأمر كان متعباً لي وللأسرة، حيث كنت أشعر بأنه ليس الحل الأمثل لتربية أطفالي، لكن لم يكن لدي أي حلول بديلة".
هكذا وصفت تحرير أبو لبدة -أم لثلاثة أطفال- أسلوبها مع أطفالها قبل انضمامها إلى نادي الأهالي في مدرسة الزهراء برفح.
تابعت حديثها قائلة: "في السابق لم يكن هناك نادٍ للأهالي، وإنما اعتدنا على أن يتم استدعاؤنا في حال حدوث مشكلة، أو لسماع شكوى حول أطفالنا، لكن الأمر اختلف تماماً بعد تأسيس نادي الأهالي الذي شاركت في لقاءاته كافة. لقد استطاع النادي الإجابة عن أسئلة كانت تدور في ذهني حول التعامل مع طفلتي، واستطاع أن يحد من عصبيتي، وأتمنى أن تعمم هذه الاستفادة على كل أم في غزة".
غزة مدينة الحكايات
"في كل مكان أثري قديم نذهب إليه نجد الحكايات ... الأماكن لها حكايات وقصص ... نشعر أن الجني الموجود في مصباح علاء الدين يحملنا إلى زمن هذه القصص عندما نستمع إليها من الحارس الموجود في المكان".
هكذا وصف مؤيد المدهون إحساسه بعد زيارته عدداً من الأماكن الأثرية في غزة، فهو يستمتع بالتعرف على قصص هذه الأماكن واكتشاف خبايا هذه البيوت والقصور القديمة التي لا تزال تحتفظ بمعالمها، والتي لم يعرف عنها حتى من خلال الكتب التي يدرسها، ولم يتوقف الأمر عند حدود المعرفة، بل شارك المدهون وزملاؤه في ترميم بيوت غزة القديمة. هم يشعرون الآن بانتماء وحب لهذه الأماكن الأثرية.
المدهون أكثر انخراطاً في دروس التربية الوطنية منذ اشتراكه في برنامج "تراث بلادي"، الذي يهدف إلى إعادة الاهتمام بالتراث والتاريخ في التعليم واستكشافه وإعادة بنائه.
تقول المعلمة حنان "أشعر أن الكتاب المدرسي أصبح محدوداً بالنسبة للطلاب ... فلقد انطلقوا خارج حدود صفحاته، وأصبحوا يحصلون على المعلومات بأنفسهم ... ولا أشعر بالخجل حين أقول إن الأطفال المشاركين في برنامج "تراث بلادي" يعلمونني.
البرنامج لم يتوقف عند التأثير على القدرات المعرفية للطلاب، بل أحدث العديد من التغيرات في شخصية الأطفال المشاركين، فاعتماد الدراما كتقنية أساسية في البرنامج، دفع بالطلاب إلى مزيد من التشارك والحوار والعمل المشترك، وقد انعكس ذلك على شخصية الأطفال وتفاعلهم مع بعضهم البعض.
تقول معلمة سامر أحد المشاركين في برنامج "تراث بلادي"، الذي عاش سنوات ما قبل المدرسة خارج البلد: "لقد أثّر هذا البرنامج في شخصية سامر بطريقة ملحوظة، فقد عانى عند التحاقه بالمدرسة من بعض المشكلات في التواصل مع زملائه بسبب عدم إتقان اللغة العربية. منذ التحاق سامر بهذا البرنامج، تغيرت علاقاته بزملائه، وأصبح يتواصل معهم بسهولة، فهو يشعر أن هذا البرنامج جعله يعرف زملاءه أكثر من ذي قبل، على الرغم من وجودهم في الفصل نفسه ... واليوم هم أكثر قرباً منه".
الطفلة فرح (يمين الصورة) |
السيدة تحرير أبو لبدة المشاركة في مشروع "مدارسنا .. مجتمعاتنا" |
أطفال أثناء زيارتهم لمناطق أثرية في غزة ضمن برنامج "تراث بلادي" |